بحث هذه المدونة الإلكترونية

2008/06/25

أمين عام المؤتمر القومي العربي خالد السفياني:


مشروع أمريكي لتحويل الصراع العربي الصهيوني الى صراع عربي فارسي
في إطار أحياء الاتحاد العام التونسي للشغل لذكرى النكبة الفلسطينية تمت دعوة الأستاذ المحامي المغربي خالد السفياني الأمين العام للمؤتمر القومي العربي لإلقاء محاضرتين عن القضية الفلسطينية والأوضاع العربية، حيث ألقى محاضرة أولى بالمنستير ومحاضرة ثانية بصفاقس.
وقد انتهزتا وجوده هنا في تونس لإجراء حوار معه وتقديم لمحة للقراء عن المؤتمر القومي العربي وعن مشروعه النهضوي وكذلك للتطرق لبعض التطورات الحاصلة في المنطقة العربية.
* باعتباركم أمينا عاما للمؤتمر القومي العربي، كيف تحددون مفهوم القومية العربية في هذه المرحلة خاصة بعد التطورات الجيوسياسية والتحالفات الراهنة في المنطقة العربية؟ـ في البداية كانت القومية العربية تنطلق من اعتبارها انتماء عرقيا وكانت تشكل أحد مكونات الأمة لكن في نفس الوقت المكون الذي يعتبر إن من حقه الهيمنة الفكرية والسياسية كان يعتبر نفسه أن من واجبه قيادة العمل القومي في الأمة وهذا ما أدى إلى الانشطار والى إساءة تطويق الفكرة القومية في جوهرها، بينما الآن ومنذ تأسيس المؤتمر القومي العربي بتونس منذ 19 سنة أعطي لمفهوم القومية العربية بعد جديد حيث وقع تأسيس هذا المؤتمر من طرف شخصيات تنتمي إلى مختلف مكونات الأمة العرقية والمذهبية والدينية والسياسية... وأصبحت القومية العربية ذلك الوعاء الذي يضم مختلف أبناء الأمة بمختلف انتماءاتهم التي تؤمن بالمشروع النهضوي العربي وان اختلفت رؤيتها في بعض الجزئيات أو بعض القضايا داخلية كانت ام عربية، وفي هذا الإطار كان توجه المؤتمر وهو يطمح ان يكون مرجعية فكرية عربية يطلق الحوار العميق والهادئ بين كل مكونات الأمة ويضع على عاتقه خلق آليات هذا الحوار، وقد تم تأسيس المؤتمر القومي الإسلامي، ولئن كان المؤتمر القومي العربي يضم العديد من القيادات الماركسية والليبرالية والقومية التقليدية والإسلامية فانه عمل على تأسيس هذا الإطار أي المؤتمر العربي الإسلامي من اجل خلق حوار وتنسيق الجهود بين القوميين واليساريين والليبراليين وبين الإسلاميين بمختلف مكوناتهم في الأمة وهو المؤتمر الذي لعب دورا جوهريا في ردم جزء كبير من الهوة التي كانت تفصل بين هذه المكونات التي كانت نتيجتها الطبيعية الاقتتال الداخلي واضعاف جبهة مقاومة أعداء الأمة.
* وعلى المستوى الجماهيري كيف يتفاعل المؤتمر مع هذا المكون الأساسي؟ـ عمل المؤتمر القومي العربي على تأسيس العديد من الإطارات المتخصصة والتي ضمت في صفوفها مختلف مكونات الأمة العربية ويطمح المؤتمر من خلال تجربته الطويلة إلى أن يكون مرجعية شعبية بالإضافة إلى هدفه الأساسي بأن يكون مرجعية فكرية، وهو يحرص أن يكون ضمن أعضائه فعاليات وقيادات فكرية وسياسية وميدانية حتى يستطيع تحقيق هذه الأهداف، وان كان الانتماء للمؤتمر ليس انتماء للأحزاب والمنظمات الثقافية الحقوقية والمدنية، لان العضوية فيه عضوية شخصية مع تأكيد أن المؤتمر القومي العربي ليس حزبا سياسيا ولا يطمح أن يكون كذلك ولا يمكن أيضا ان يصبح حزبا وبذلك فالمهام التي يطرحها سواء فكرية كانت أو ميدانية يبقى على أعضائه في كل الساحات والميادين العمل على تنفيذها وإنجازها.
* هل يمكن إذن أن نتحدث عن قومية حديثة متجاوزة للقومية التقليدية بعد إنجاز المؤتمر القومي العربي خاصة في المستوى التنظيري؟ـ في مستوى التنظير وفي مستوى التنظيم لا يمكن إلا أن نتجه هذا الاتجاه الحديث المتجاوز للتشرذم ويعمل على إرساء مفهوم نهضوي جامع والذي لا يتنكر للفكر القومي التقليدي لكنه لا يظل حبيسا لنظرية من نظرياته او لممارسة من ممارساته ويكفي أن نعرف ان كل مكونات العمل القومي توجد داخل المؤتمر إلى جانب بقية المكونات الأخرى اليسارية منها والليبرالية والإسلامية، ففي المؤتمر القومي العربي نجد بعثيي (سوريا والعراق) وقوميين عربا بالإضافة إلى بقية المكونات، وفي المؤتمر كذلك عرب وأمازيغ وأقباط ودروز ومسلمون شيعة وسُنة وفيه المسيحيون... وهذا التنوع والاتجاه نحو بلورة وإنجاز المشروع النهضوي العربي، وهذا الاحتضان الجامع لكل مكونات الأمة هو ما يمكن تسميته بالقومية الحديثة.
* وعلى مستوى القيادة والتوجيه هل تجاوزتم ذهنية القائد الفرد والمنظّر الواحد؟
ـ من قبل كان القائد الفرد والحزب القائد وكان التفكير والتوجيه محصور فيهما. الآن لا يمكن أن يكون العمل إلا جماعيا، ففي المؤتمر القومي العربي تجد مفكرين وسياسيين وميدانيين وإعلاميين... ومسودة المشروع النهضوي العربي وضعت منذ سنوات وأثيرت بشأنها نقاشات وحوارات متعددة فكانت المسودة الثانية وتلتها مسودة ثالثة وكل ذلك نتيجة لعملنا الجماعي، وقريبا ستطرح المسودة الرابعة لهذا المشروع في الساحات العامة لتصل إلى مشروع متكامل، فالمشروع ليس فرديا ولا يمكن تبنيه من احد ما وهذا وجه من وجوه العمل الحديثة.
* هل يمكن أن تقدموا لنا الخطوط لهذا المشروع؟ـ المشروع ينبني على أسس ستة هي التحرير والديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية والتجدد الحضاري، وهي مبادئ متكاملة وليست مجزأة لتحقيق واحدة قبل أخرى، وهو عمل متكامل لتحقيق هذه الأطراف التي نعتبرها خلاص الأمة من الاستعباد الداخلي والخارجي.
* كيف ترون واقع المنطقة العربية بين المشروع الأمريكي الصهيوني ومشروع ما يسمى بالمقاومة والممانعة؟ـ أود أن أشير في هذه المرحلة الراهنة إلى انه يجب أن نكون واعين حتى نفهم ما يجري ونتفاعل معه، فما يجري الآن هو فرز واضح بين مشروعين الأول أمريكي صهيوني والثاني المقاومة والممانعة، وكل ما يجري يدخل تحت هذين المشروعين لان هناك اصطفافا من بعض الانظمة العربية والنخب في دائرة المشروع الأول وهناك اصطفاف ثان في إطار مشروع المقاومة والممانعة وهذا ما يفسر ما يجري في فلسطين والعراق والصومال ولبنان والسودان وغيرهم من بؤر التوتر.
* كيف تنظرون لآليات وأهداف كل مشروع على حدة؟ـ إن الوضع الذي وصفته سابقا يفسر الآليات التي يحاول المشروع الأمريكي الصهيوني خلقها لتنفيذ أ هدافه سواء تعلق الأمر بافتعال وتعميق الصراعات العربية ـ العربية أو الصراعات القطرية أو الدفع بالأمة إلى صراعات مذهبية ودينية (عرب / أكراد) (عرب / أمازيغ) (سُنة / شيعة) وكذلك تحويل الصراع من صراع عربي أمريكي صهيوني إلى صراع عربي فارسي وكذلك الإيهام بأن أمريكا قدر لا مفر منه مثلها مثل الكيان الصهيوني وان على العرب الخضوع والاستسلام لهذا القدر، وكذلك محاولة قلب المفاهيم كأن تصبح مقاومة الاحتلال والدفاع عن الكرامة إرهابا ويصبح الاحتلال والاستيطان عملا دفاعيا، وكذلك محاولة الإيهام بأن رفض الاعتراف بكيان عنصري إرهابي يعتبر معاداة للسامية وما على الجميع إلا الاعتراف به والتطبيع معه، وكذلك من أهداف هذا المشروع الإيهام بأن لا مفر من اجل التحرر من الاستعباد الداخلي إلا بالاستنجاد بالقوى الخارجية وهو ما بدأنا نسمعه لدى العديد من الأنظمة والنخب العربية...
* وبالنسبة لمشروع المقاومة والممانعة، كيف ترون واقعه وآفاقه؟ـ المشروع القائم على المقاومة والممانعة يتجذر يوما بعد يوم في أعماق أبناء الأمة، فهو المشروع الذي يعتبر ان المقاومة هي الطريق إلى الخلاص (مقاومة سياسية او مسلحة) ضد المحتلين وعملائهم والذي يرى في ما تقوم به الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني عنوانا لمحاولة إرساء نظام إرهاب دولي، والذي يعتبر ان لا مكان للكيان الصهيوني وان فلسطين ارض للقاء كل الحضارات والأديان والأعراق، وانه لا محيد عن انهيار المشروع الصهيوني وعن بناء فلسطين، وهو الذي يرى أيضا ان أخطر ما يمكن ان يفكر فيه المواطن العربي هو التطبيع والاستقواء بالأجنبي ويؤمن ان الصراعات الوطنية تحلها القوى الوطنية بمختلف توجهاتها وانتماءاتها، وان ألف ممارسة قمعية من طرف حاكم وطني خير من صفعة واحدة من أجنبي، وهي التي ترى أيضا ان أمريكا والكيان الصهيوني ليسا قدرا ولعل اكبر دليل على ذلك انتصار المقاومة اللبنانية على الكيان الصهيوني واعتبار المنظرين الأمريكيين هزيمة سياسة دولتهم في العراق هي بداية الانهيار.
* تحدثتم عن مشروعين فقط في المنطقة، في حين أود ان أذكركم بأن هناك مشروعا ثالثا وهو المشروع الاورو متوسطي الذي يستهدف بصفة خاصة المنطقة المغاربية وبصفة عامة المنطقة العربية، فكيف ترون هذا المشروع؟ـ المشروع الاورمتوسطي هو وجه آخر للمشروع الأمريكي الصهيوني وهو تكرار لآليات سابقة ولدت ميتة لأنها حملت نفس الأهداف (الاستعمار ونهب الثروات) مثل مشروع برشلونة والشرق الأوسط الاقتصادي والشرق الأوسط الكبير والشرق الأوسط الجديد وكل هذه الآليات هدفها وضع حد للتفكير في جسم عربي واحد ووحدة جغرافية واقتصادية وقيمية واحدة وإدخال الكيان الصهيوني الى الجسم العربي من خلال تشبيك العلاقات معه وتعميق الهيمنة الغربية على العرب.
أوروبا تدخل موحدة والعرب يدخلون أجزاء وأقطارا مقطعة الأوصال ولذلك فقد كان موقفنا واضحا من رفض أي مشاركة في هذا الاتحاد إذا حضر الكيان.