بحث هذه المدونة الإلكترونية

2008/07/09

ونصيب الاتحاد

من بين الملاحظات التي تقدم بها النائب محمد الدامي خلال مناقشة ميزانية وزارة الاتصال، والتي شملت صلوحية وتركيبة المجلس الأعلى للاتصال وجمعية الصحفيين وتكثيف الحوارات ومنابر النقاش بالإذاعة والتلفزة الوطنية، وتشريك الأحزاب الوطنية ومنظمات المجتمع المدني... وغيرها من النقاط الدقيقة والحساسة بالنسبة لقطاع يمثل وجه البلاد ومرآتها في الداخل والخارج على حد السواء... من بين تلك الملاحظات القيمة، استوقفني تنصيص النائب على تمكين الاتحاد العام التونسي للشغل من استرجاع حصته الإعلامية بالإذاعة الوطنية «بما يعود بالفائدة على كافة الشغالين بالبلاد» مثلما ذكر، وهو أمر لا يختلف تونسيان حول ضرورته في ما نعلم.
«صوت الشغالين» هو عنوان البرنامج الإذاعي الذي كان يٌبث على موجات إذاعتي تونس الوطنية وصفاقس الجهوية حتى سنة 1985، وقد كان يمثل نافذة مهمة بين المنظمة الشغيلة وكافة شرائح المجتمع التونسي، إذ كان برنامج «صوت الشغالين»، الإخباري بالأساس، يرفد طرق التواصل بين هياكل الاتحاد وقواعده العمالية وكان يساهم بشكل كبير في الإعلام النقابي، فإلى جانب البلاغات والبيانات والنشريات الداخلية والجهوية ومنشورات قسم الدراسات بالاتحاد وطبعا جريدة «الشعب» لسان الاتحاد العام التونسي للشغل ، كان برنامج «صوت الشغالين» جسرا أثيريا بين الاتحاد والعمال التونسيين في تلك الفترة.الآن، ومنذ 1985 تاريخ توقّف البرنامج الإذاعي عن البث، والاتحاد لم يتوقف عن التواصل بقواعده ومنخرطيه وأصدقائه في كل شبر داخل الجمهورية التونسية وخارج حدودها، مستعملا في ذلك شتى الوسائل المتاحة والممكنة، كالشبكة العنكبوتية والهواتف المحمولة وغيرها من وسائل التكنولوجيا الحديثة، وما موقع جريدة الشعب الالكتروني إلا دليلا قاطعا على السعي الجدي لمنظمة العمال لتكون دائما على أهبة الحدث والمعلومة.وعلى نجاعة ومردودية هذه الطرق والوسائل التقليدية والحديثة، فان حق الاتحاد العام التونسي للشغل في استرجاع، بل في استحداث برامج إذاعية تبث على أكثر من موجة ومحطة إذاعية (الوطنية، الشباب، جوهرة، تطاوين، صفاقس، المنستير، الكاف...) ولمَ لا حصة تلفزية خاصة بأنشطة وفعاليات الاتحاد وبالعمل النقابي عموما، هو حق يجب أن يٌؤخذ بعين الاعتبار والحرص في أقرب الآجال إن لم نقل في مفتتح السنة الجديدة.وبغض النظر عن مسالة أحقية نصيب الاتحاد العام التونسي للشغل من هذه المؤسسة الإعلامية، ذات الصبغة الوطنية، والتي هي أيضا من نصيب ومن حق كل الأحزاب المعارضة والجمعيات الحقوقية، بغض النظر عن ذلك، فإن التوازن الإعلامي والإخباري والتنشيطي الذي ستكتسبه هذه المؤسسة سينتشلها حتما من بوتقة وذهنية الخطاب الواحد الأوحد ومن منطق الاستحواذ المجاني واللاقانوني على المؤسسات الوطنية.كما أن النقلة النوعية التي يٌمكن أن تحدثها وسائل الإعلام والاتصال الوطنية لن تتحقق أبدا مادام المشهد أحادي البعد والصوت أحادي الوجهة والصورة كذلك أحادية الخطاب والتوجه، وما نفور المشاهد والمستمع والقارئ لمختلف وسائل الإعلام الوطنية وهروبه منها، بل وتندره واستهزائه بها وسحب ثقته من مصداقيتها، إلا حجة دامغة وبرهانا قاطعا على فظاعة الوجه الواحد مهما حاول أن يتجلى في أبهى حلله...ثم إن الثقل الرمزي والمادي الذي يمثله الاتحاد العام التونسي للشغل وطنيا وإقليميا وعربيا وعالميا ،يجعل من حصته الاعلامية بديهة ومسلمة لا تنازع حول ضرورتها، وأعتقد أنني لن أكون لا حالما ولا طوباويا اذا ما قلت وكتبت انه كان من الأجدى ان نكتب ونتحدث عن محطة اذاعية وقناة فضائية خاصتين بالعمال ومنظمتهم، خاصة ان تاريخ المنظمة وحاضرها يزخران بإحتياطيّ ثقافي وابداعي ونضالي وفكري ثري ولها من الرموز الوطنية والمحطات التاريخية ما يؤثث أثيرا مأثورا، ومن الغُبن ان نلتقط كلمة الاتحاد العام التونسي للشغل عرضا وبصورة برقية وخاطفة بل وبشكل موسمي واحتفالي مرة في الاذاعة واخرى في التلفزة الوطنية.