بحث هذه المدونة الإلكترونية

2012/08/02

أموال المفقرين وآمالهم بين عبد الاله بنكيران وراشد الغنوشي

في الوقت الذي يترجل فيه الداعية السلفي "نشأت أحمد محمد إبراهيم" من السيارة الفاخرة "رولز رويس" التي يبلغ سعرها 340 ألف دولار أمريكي (500 مليون) بمدينة "مساكن" من ولاية سوسة لإلقاء "محاضرة" بعنوان "نعمة الصبر وفوائد الابتلاء بالفقر"، لم يتردد رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران في "إطلاق سراح" ناهبي المال العام المغربي عندما نزل ضيفا على القناة القطرية (الجزيرة) في برنامج "بلا حدود"، قائلا أن فلسفته في القضاء على الفساد هي "عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه"! وفي نفس الوقت أيضا مثل "قانون العودة للعمل والتعويض للأشخاص المنتفعين بالعفو التشريعي العام وأولي الحق منهم" مسألة ذات أولوية في مؤتمر حركة النهضة الأخير... رغم الوضع الاقتصادي المتأزم في تونس... رئيس حزب العدالة والتنمية الإسلامي عبد الإله بنكيران رفع الراية البيضاء في وجه المستكرشين المغربيين الذين أثروا على حساب عرق المفقرين، حيث يعلن من جهة أولى تراجعه عن كشف لوائح المستفيدين من الفساد الاقتصادي والمالي المغربي، ومن جهة ثانية يشن "حربا استباقية" على جيوب البسطاء والمفقرين والمعدمين خوفا من هزيمة سياسية قد تلحق بحزبه، ضاربا بذلك عرض الحائط الحديث النبوي الشريف الذي يقول:" هلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد". أما شباب حركة النهضة في تونس وقيادييها فقد وضعوا الشعب التونسي برمته في سلة "الخيانة" عندما طالب هذا الشعب "بعقلنة" التعويض المادي خاصة في هذا الظرف العصيب الذي يعيشه المواطن البسيط (قطع الماء، عمال مطرودون، غلاء الأسعار...) وقد بلغ الأمر بشباب حركة النهضة أن كتبوا نصا تقول احد فقراته:"الشعب التونسي الذي صدق فعلا أنه شعب عظيم"! هكذا يتم تكريم الشعب التونسي من طرف حركة النهضة التي ضربت عرض الحائط (مثل حزب العدالة والتنمية المغربي) قول الرسول محمد "من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله". ففي الوقت الذي تترك فيه الحكومة بن علي طليقا في السعودية وأمواله مخزنة في البنوك الأوروبية، وفي الوقت الذي تُحاك فيه الصفقات مع رجال الأعمال الفاسدين والمورطين في تخريب الاقتصاد التونسي... وفي الوقت الذي تُمضي فيه الحكومة على القروض الكبرى من أمريكا وقطر والسعودية وتركيا... وفي الوقت الذي تغض فيه الحكومة عن الاداءات المتخلدة بذمة رؤوس الاموال وتستفرد بالشعب المسكين من خلال وزارة المالية وومضتها الشهيرة حول البناء الجماعي للوطن بدفع الاداءات المتخلدة لدى الفقراء والبسطاء... أمام هذه الوضعيات يصير الشعب التونسي "خائنا" عندما ينتفض ضد تأبيد الفقر والتهميش! إن سياسة "مع أو ضد" التي انتهجتها حركة النهضة إبان حملتها الانتخابية ضد كل القوى الديمقراطية باعتبارها "كافرة وعلمانية وملحدة" هي نفس السياسة التي تعتمدها الحكومة ضد وسائل الإعلام باعتبارها أيضا "كافرة ومعارضة للحكومة" وهي نفس السياسة التي تنتهجها اليوم ضد الشعب التونسي برمته! متناسية أن جزءا كبيرا من هذا الشعب هو الذي طالب بسن العفو التشريعي العام، وهو الذي قال إن التعويض لمساجين الرأي العام من صميم العدالة الانتقالية، على أمل أن يكون صوت "الحكمة الشعبية" أعلى من صوت "اغتنام الفرص" (ألم يقل عادل العلمي إن التعويضات بمثابة الغنيمة!) ولم تدعو حكمة الشعب التونسي في صرف التعويضات إلا إلى تحقيق أهداف الثورة من تنمية عادلة وحل مشكلة البطالة وإقرار نظام جمهوري ديمقراطي ثم تكون التعويضات للمساجين... فهل يعني هذا خيانة شعبية وهل يبرر هذا الموقف السخرية من الشعب واعتباره "تافها" بعد ان صارت عظمته "كذبة" في نظر شباب النهضة وقيادييها! إن التعويضات الحقيقية هي تلك التي تفتح المدارس والمعاهد والكليات، هي التي تفتح المستشفيات وتعبد الطرقات السيارة، هي التي توفر كل مرافق الحياة الكريمة لأبسط مواطن تونسي في أعماق البلاد، هي التي تستصلح الأراضي المهملة، وهي التي تخلق مواطن الشغل للمعطلين عن العمل وتخرج المفقرين من حالة العدم واليأس الوجودي، ولكن ما دام هناك داعية سلفي وهابي يترجل من "الرولز رويس" ليلقي ما يسمونه "محاضرات" تدعو إلى " نعمة الصبر وفوائد الابتلاء بالفقر" فان كل عاقل في هذا البلد سيكون ضمن خانة "أعداء الثورة"!